أمثلة لعملية الانضباط
الانضباط في الوقت
قال ابن القيم رحمه الله : ( الوقت أبي الجانب بطيء الرجوع، فالوقت ار شيء، فإذا فات الوقت لا يمكن استدراكه البتة، لأن الوقت الثاني قد استحق واجب الخاص، فإذا فات وقت فلا سبيل على تداركه ) .
واستغلال الوقت يقضي على التأخير، فالمهمات المفتوحة لا تنتهي أبدا ويكون الاستغلال كالتالي:
أن يوجد أمر يستغل الوقت بتنظيم أفكاره
وأن يوجد مأمور يأخذ تلك الأفكار بوجه حسن. وأن يوجد أمر يستخدم الوقت استخداماً حسناً. وأن يوجد مأمورون تُستغل طاقاتهم كلها بانتظام . والوقت أغلى ما يملكه الإنسان فالوقت هو الحياة والوقت له طول وعرض وعمق
يقول الأستاذ أبو الحسن الندوي رحمه الله_ ما معناه :
الوقت له طول وذلك كالموظف الذي لا يهمه من الوقت إلا مروره انتظار للراتب فلا يفكر في إنجازه ما انجز، أو عمل ماذا عمل، ولكن تفكيره منحصر في مرور
الوقت، ومتى يصل إلى مراده ؟ فهذا يستفيد من طول الوقت، فهو يعد الليالي والأيام
وهي تعده ودقات قلب قائلة له
إن الحياة دقائق وثوان وللوقت عرض : وذلك يؤدي ما يؤديه غيره من الأعمال المطلوبة منه، فالمدرس المطلوب منه أن ينفذ أربع حصص، وأن يقطع كذا درس من الكتاب المقرر، فإذا اتم فقد
استفاد من عرض الوقت.
وللوقت عمق وهو البركة في الوقت، وذلك بأن تنجز من الأعمال ما يحتاج إلى وقت طويل في وقت أقل. فإن حصلت عليه تكون قد حصلت على البركة في الوقت. وبهذا الأخير نُفَسر الإنجازات التي تحققت على أيدي علمائنا المسلمين . فإن الوقت لو كان بطوله أو عرضه الذي قضوه في الدنيا فإنه لا يكفي لما حققوا من علم وإبداع وعمل وجهاد، ولكنهم حصلوا على عمق الوقت فبارك الله في جهودهم وأوقاتهم .
ومصداق قول الأستاذ الندوي رحمه الله تعالى وارد في الحديث الآتي :
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ : « إِنَّ اللهَ قَالَ مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ اذنته بالْحَرْبِ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بالدَّوَافِلِ حَتَّى أَحبَّهُ ، فَإِذا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ التي يبطش بها، وَرِجْلَهُ التي يمشي بها، فإن سألني لأعطينَهُ وَلَيْنِ اسْتَعَادْنِي لأَعِيدَنَّهُ، وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أَنا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسٍ الْمُؤْمِنِ يَكْرَهُ الْمَوْتَ وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ »
الانضباط في بذل الجهد من قبل الفرد فهو يمنع من تعيين مراقب عليه ويقوم بإيقاظ الضمير والخشية الداعية إلى إجادة العمل.
والضبط في الإدارات والمصانع يظهر من خلال الساعة الطابعة والكمبيوتر والبطاقة الفاتحة، وذلك أن الشركات تعمد لضبط موظفيها بوضع الساعة الطابعة حيث يأتي كل موظف ببطاقة خاصة به فيدخلها في جهاز الساعة عند حضوره فتقوم الساعة لطباعة الوقت والتاريخ الذي تم فيه إدخال البطاقة. وفي نهاية الشهريتم تسليم البطاقات لجهة الاختصاص لصرف مستحقاته بناء على عدد ساعات عمله فتكون هذه العملية سبيا من أسباب الانضباط في العمل. ليستجيب له، ومن خلال ذلك يسجل حضوره من عدمه. بل إن أجهزة المراقبة الإلكترونية التي تعد الأنفاس مزروعة في كل مكان وخاصة مواقع الإنتاج، بحيث تراقبه لأن العامل قد يحضر لكنه لا يعمل. وكل ذلك من أجل انضباط أكمل، وطاعة أتم. الانضباط في الأخذ بطريقة العمل المناسبة وقد تم تطوير هذه الطريقة بواسطة الكمبيوتر، فأصبح العامل لا يستطيع الدخول إلى مقر عمله إلا بوضعه بطاقته في جهاز بالباب ليفتح له أو في المصعد
يجب فتح باب الاجتهاد وإعمال الفكر في التجديد والإبداع في طرائق العمل ومحاولة تطويرها باستخدام ما يجد من وسائل، وما يتناسب مع كل عمل أو مهمة الدعوى الوفاء للوسائل القديمة لا مكان له في عالم متجدد، فالقاعدة أن الثبات اللمبادي فقط والتطوير للوسائل.
الانضباط في عدم التساهل بتحقيق الأهداف
الانضباط يحفز الهمم نحو استخدام القوى العاملة إلى أقصى طاقة لتحقيق
الأهداف، والصبر على مشقات الأداء حتى يتم بلوغ الغايات، ولا يتنازل عن الأهداف إلا
أصحاب العقول المستريحة
قال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله لتلميذه أبي سعيد وقد طلب من الإمام أن يجيبهم إلى بعض ما طلبوا من القول بخلق القرآن .
فقال له الإمام: إن كان هذا عقلك يا أبا سعيد فقد استرحت وفي هذا العصر يذكر الأستاذ عمر التلمساني رحمه الله_ أن أخاه الأكبر زاره في السجن، وأكثر عليه في حثه على أن يقدم التماسا واعتذاراً لكي يُفرج عنه من السجن .
فأجابه الأستاذ عمر قائلا: إما أن تسكت عن هذا الموضوع وإلا قطعت الزيارة مضطراً وأحرجتك أمام الحاضرين.
وذلك لأن سجنه بسبب حمله لدعوة الله، وساجنه ظالم غاشم معتد، فما كان له أن يستعطفه ويرجوه بل يصبر ويحتسب، وقد كان . قال تعالى: ﴿ فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةٌ بمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ }.
