0 معجب 0 شخص غير معجب
في تصنيف المناهج الدراسيه بواسطة (3.7مليون نقاط)
ما هي الوسائل المعينه على الثبات

من الوسائل المعينة على الثبات

أولاً: الإقبال على القرآن:

القرآن العظيم وسيلة التثبيت الأولى وهو حبل الله المتين، والنور المبين، من تمسك به عصمه الله ومن اتبعه أنجاه الله، ومن دعا إليه هُدي إلى صراط مستقيم.

نص الله على أن وظيفة هذا الكتاب والغاية التي من أجلها أنزله منجّمًا مفصلاً هي التثبيت، فقال- تعالى- في معرض الرد على شُبه الكفار: ﴿وقَالَ الَذِينَ كَفَرُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ القُرْآنُ جُمْلَةً واحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ ورَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً (32) ولا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إلاَّ جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وأَحْسَنَ تَفْسِيراً﴾ [الفرقان:32،33].

ثانيًا: التقرب من الله والإكثار من العمل الصالح:

قال الله- تعالى-: ﴿يُثَبِّتُ اللَّهُ الَذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وفِي الآخِرَةِ ويُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ ويَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ﴾ (إبراهيم: 27).

 

قال قتادة: أما ﴿فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ فيثبتهم بالخير والعمل الصالح ﴿وفِي الآخِرَةِ﴾ في القبر.

كذا روي عن غير واحد من السلف. وقال سبحانه: ﴿ولوْ أَنهمْ فعلوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ وأَشَدَّ تَثْبِيتاً﴾ (النساء: 166)، أي على الحق.

وهذا بيّن، وإلا فهل نتوقع ثباتًًا من الكسالى القاعدين عن الأعمال الصالحة إذا أطلت الفتنة برأسها وادلهمّ الخطب؟ ولكن الذين آمنوا وعملوا الصالحات يهديهم الله إليه صراطًا مستقيمًا ويثبتهم بما ثبتوا به أنفسهم في الدنيا.

ثالثًا: تدبر قصص الأنبياء ودراستها للتأسي والعمل:

والدليل على ذلك قوله- تعالى-: ﴿وكُلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنباءِ الرُّسلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وجَاءَكَ فِي هَذِهِ الحَقُّ ومَوْعِظَةٌ وذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ [ هود:120].

فما نزلت تلك الآيات على عهد رسول الله- صلى الله عليه وسلم- للتسلية والتفكه، وإنما لغرض عظيم هو تثبيت فؤاد رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وأفئدة المؤمنين معه.

فلو تأملت قول الله عز وجل: ﴿قَالُوا حَرِّقُوهُ وانصُرُوا آلِهَتَكُمْ إن كُنتُمْ فَاعِلِينَ (68) قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وسلاماً عَلَى إبْرَاهِيمَ (69) وأَرَادُوا بِهِ كَيداً فَجَعَلْنَاهُمُ الأَخْسَرِينَ﴾ [الأنبياء:68 -70]، قال ابن عباس: "كان آخر قول إبراهيم حين ألقي في النار: "حسبي الله ونعم الوكيل" وهنا نشعر بمعنى من معاني الثبات أمام الطغيان والعذاب يدخل النفس ونحن نتأمل هذه القصة، وما تبع هذا الثبات من معية الله سبحانه وتعالى لأوليائه.

وفي قول الله عز وجل في قصة موسى: ﴿فَلَمَّا تَرَاءَى الجَمعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إنَّا لَمُدْرَكُونَ. قَالَ كَلاَّ إنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ﴾ (الشعراء:61،62)، نحس بمعنى آخر من معاني الثبات عند ملاحقة الظالمين، والثبات في لحظات الشدة وسط صرخات اليائسين، ولكنها ثقة المؤمن وثباته في الأوقات العصيبة.

كما في قصة سحرة فرعون نرى المثل العجيب للثلة التي تثبت على الحق بعدما تبين، ألا ترى أن معنى عظيمًا من معاني الثبات يستقر في النفس أمام تهديدات الظالم وهو يقول: ﴿قَالَ آمَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلافٍ ولأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ ولَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وأَبْقَى﴾ (طه: 71).

 

ثبات القلة المؤمنة الذي لا يشوبه أدنى تراجع وهم يقولون: ﴿قَالُوا لَن نُّؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ البَيِّنَاتِ والَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنتَ قَاضٍ إنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الحَيَاةَ الدُّنْيَا﴾ (طه: 72).

 وهكذا قصة المؤمن في سورة يس ومؤمن آل فرعون وأصحاب الأخدود وغيرها يكاد الثبات يكون أعظم دروسها قاطبة.

 

رابعًا: الدعاء:

من صفات المؤمنين أنهم يتوجهون إلى الله بالدعاء أن يثبتهم: ﴿رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إذْ هَدَيْتَنَا﴾ [آل عمران:8]، ﴿رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وثَبِّتْ أَقْدَامَنَا﴾ [البقرة:250].

ولقد كان كان رسول الله صلى الله عليه وسلم- يكثر أن من قول: "يا مقلب القلوب والأبصار ثبت قلبي على دينك"

خامسًا: ذكر الله:

وهو من أعظم أسباب التثبيت وتأمل هذا الاقتران بين الأمرين في قوله- عز وجل-: ﴿يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا إذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا واذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً﴾ [الأنفال:45] فجعله الله من أعظم ما يعين على الثبات في الجهاد.

يقول الشهيد سيد قطب: وأما ذكر الله كثيرًا عند لقاء الأعداء فهو التوجيه الدائم للمؤمن؛ كما أنه التعليم المطرد الذي استقر في قلوب العصبة المؤمنة، وحكاه عنها القرآن الكريم في تاريخ الأمة المسلمة في موكب الإيمان التاريخي. ومما حكاه القرآن الكريم من قول سحرة فرعون عندما استسلمت قلوبهم للإيمان فجأة، فواجههم فرعون بالتهديد المروع البشع الطاغي، قولهم: وما تنقم منا إلا أن آمنا بآيات ربنا لما جاءتنا. ربنا أفرغ علينا صبرًا وتوفنا مسلمين..

سادسًا: التربية:

التربية الإيمانية العلمية الواعية والمتدرجة عامل أساسي من عوامل الثبات.

التربية الإيمانية: التي تحيي القلب والضمير بالخوف والرجاء والمحبة، المنافية للجفاف الناتج من البعد عن نصوص القرآن والسنة.

التربية العلمية: القائمة على الفهم الصحيح والمتشبعة بصحيح الإسلام..

التربية الواعية: التي تعرف سبيل المجرمين، وتدرس خطط أعداء الإسلام، وتحيط بالواقع علمًا، وبالأحداث فهمًا وتقويمًا، المنافية للانغلاق والتقوقع على البيئات الصغيرة المحدودة.

التربية المتدرجة: التي تسير بالمسلم شيئًا فشيئًا، ترتقي به في مدارج كماله بتخطيط موزون، والمنافية للارتجال والتسرع والقفزات المحطِّمة.

ولكي ندرك أهمية هذا العنصر من عناصر الثبات، فلنعد إلى سيرة رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ونسائل أنفسنا: ما هو مصدر ثبات صحابة النبي- صلى الله عليه وسلم- في مكة إبَّان فترة الاضطهاد؟ كيف ثبت بلال وخباب ومصعب وآل ياسر وغيرهم من المستضعفين وحتى كبار الصحابة في حصار الشِّعب وغيره؟ هل يمكن أن يكون ثباتهم بغير تربية عميقة من مشكاة النبوة ثقَّلت شخصياتهم؟

لنأخذ رجلاً صحابيًّا مثل: خباب ابن الأرت- رضي الله عنه- الذي كانت مولاته تُحْمي أسياخ الحديد حتى تحمَر، ثم تطرحه عليها عاري الظهر فلا يطفئها إلا ودك (شحم) ظهره حين يسيل عليها، ما الذي جعله يصبر على هذا كله؟ و"بلال" تحت الصخرة في الرمضاء، و"سميَّة" في الأغلال والسلاسل... وسؤال منبثق من موقف آخر في العهد المدني، من الذين ثبتوا مع النبي- صلى الله عليه وسلم- في حنين لما انهزم أكثر المسلمين؟ هل هم مسلمة الفتح الذين خرج أكثرهم طلبًا للغنائم، وحديثو العهد بالإسلام؟ كلا... إن غالب من ثبت هم أولئك الصفوة المؤمنة التي تلقت قدرًا عظيمًا من التربية على رسول الله- صلى الله عليه وسلم-، لو لم تكن هناك تربية تُرى هل سيثبت هؤلاء؟

يقول الشهيد سيد قطب: ولكن المسألة ليست هي النصر.. إنما هي تربية الجماعة المسلمة، التي تعد لتتسلم قيادة البشرية.. البشرية بكل ضعفها ونقصها؛ وبكل شهواتها ونزواتها؛ وبكل جاهليتها وانحرافها.. وقيادتها قيادة راشدة تقتضي استعدادًا عاليًا من القادة. وأول ما تقتضيه صلابة في الخلق، وثبات على الحق، وصبر على المعاناة، ومعرفة بمواطن الضعف ومواطن القوة في النفس البشرية، وخبرة بمواطن الزلل ودواعي الانحراف، ووسائل العلاج.. ثم صبر على الرخاء كالصبر على الشدة. وصبر على الشدة بعد الرخاء. وطعمها يومئذ لاذع مرير!..

 

سابعًا: الثقة بالطريق:

لا شك أنه كلما ازدادت الثقة بالطريق الذي يسلكه المسلم كان ثباته عليه أكبر... ولهذا وسائل منها:

- استشعار أن الصراط المستقيم الذي تسلكه ليس جديدًا ولا وليد قرنك وزمانك، وإنما هو طريق عتيق، قد سار فيه من قبل من الأنبياء والصديقين والعلماء والشهداء والصالحين، فتزول غربتك، وتتبدل وحشتك أُنسًا، وكآبتك فرحًا وسرورًا، لأنك تشعر بأن أولئك كلهم أخوة لك في الطريق والمنهج ويقول الشهيد سيد قطب: "إن موكب الدعوة إلى الله موغل في القدم، ضارب في شعاب الزمن، ماضٍ في الطريق اللاحب، ماضٍ في الخط الواصب.. مستقيم الخطى، ثابت الأقدام. يعترض طريقه المجرمون من كل قبيل، ويقاومه التابعون من الضالين والمتبوعون، ويصيب الأذى من يصيب من الدعاة، وتسيل الدماء وتتمزق الأشلاء.. والموكب في طريقه لا ينحني ولا ينثني ولا ينكص ولا يحيد.. والعاقبة هي العاقبة مهما طال الزمن ومهما طال الطريق.. إن نصر الله دائمًا في نهاية الطريق".

- الشعور بالاصطفاء، قال الله -عز وجل-: ﴿الحَمْدُ لِلَّهِ وسَلامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَذِينَ اصْطَفَى﴾ [النمل:59]، ﴿ثُمَّ أَوْرَثْنَا الكِتَابَ الَذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا﴾ [فاطر:32]، ﴿وكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ ويُعَلِّمُكَ مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ﴾ [يوسف:6 ]... وكما أن الله اصطفى الأنبياء؛ فللصالحين نصيب من ذلك الاصطفاء وهو: ما ورثوه من علوم الأنبياء. ألا فإن اصطفاء الله لك؛ أن جعلك داعية من الدعاة إلى الله من عوامل ثباتك على منهجك وطريقك؟

 

ثامنًا: الالتفاف حول العناصر المثبتة:

تلك العناصر التي من صفاتها ما أخبرنا به- صلى الله عليه وسلم-: "إن من الناس ناسًا مفاتيح للخير مغاليق للشر" البحث عن الصالحين والدعاة المؤمنين، والالتفاف حولهم معينٌ كبير على الثبات، حتى قال بعض السلف: ثبَّت الله المسلمين برجلين :"أبي بكر" يوم الردة، و"الإمام أحمد" يوم المحنة.

وهنا تبرز الأخوة الإسلامية كمصدر أساسي للتثبيت، فإخوانك الصالحون هم العون لك في الطريق، والركن الشديد الذي تأوي إليه؛ فيثبتونك بما معهم من آيات الله والحكمة... الْزمْهم وِعِش في أكنافهم، وإياك والوحدة فتخطفك الشياطين.

 

تاسعًا- الثقة بنصر الله وأن المستقبل للإسلام:

نحتاج إلى الثبات كثيرًا عند تأخر النصر، حتى لا تزل الأقدام بعد ثبوتها. قال تعالى: ﴿وكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ومَا ضَعُفُوا ومَا اسْتَكَانُوا واللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ * ومَا كَانَ قَوْلَهُمْ إلاَّ أَن قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وإسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وانصُرْنَا عَلَى القَومِ الكَافِرِينَ * فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وحُسْنَ ثَوَابِ الآخِرَةِ﴾ [آل عمران:146-148].

يقول الشهيد سيد قطب.. وكم من نبي قاتلت معه جماعات كثيرة. فما ضعفت نفوسهم لما أصابهم من البلاء والكرب والشدة والجراح. وما ضعفت قواهم عن الاستمرار في الكفاح، وما استسلموا للجزع ولا للأعداء.. فهذ هو شأن المؤمنين، المنافحين عن عقيدة ودين..

وما كان قولهم إلا أن قالوا: ربنا اغفر لنا ذنوبنا، وإسرافنا في أمرنا، وثبت أقدامنا، وانصرنا على القوم الكافرين.

 إنهم لم يطلبوا نعمة ولا ثراء. بل لم يطلبوا ثوابًا ولا جزاء.. لم يطلبوا ثواب الدنيا ولا ثواب الآخرة. لقد كانوا أكثر أدبًا مع الله، وهم يتوجهون إليه، بينما هم يقاتلون في سبيله. فلم يطلبوا منه- سبحانه- إلا غفران الذنوب، وتثبيت الأقدام.. والنصر على الكفار. فحتى النصر لا يطلبونه لأنفسهم إنما يطلبونه هزيمة للكفر وعقوبة للكفار.. إنه الأدب اللائق بالمؤمنين في حق الله الكريم.

وهؤلاء الذين لم يطلبوا لأنفسهم شيئًا، أعطاهم الله من عنده كل شيء. أعطاهم من عنده كل ما يتمناه طلاب الدنيا وزيادة. وأعطاهم كذلك كل ما يتمناه طلاب الآخرة ويرجونه: فآتاهم الله ثواب الدنيا، وحسن ثواب الآخرة..

ولما أراد رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أن يثبت أصحابه المعذبين أخبرهم بأن المستقبل للإسلام في أوقات التعذيب والمحن؛ فماذا قال؟

جاء في حديث خباب عند البخاري: "ليتمن الله هذا الأمر، حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه" البخاري.

يقول الشهيد سيد قطب: "سنة الله في الدعوات واحدة كما أنها وحدة لا تتجزأ.. دعوة تتلقاها الكثرة بالتكذيب، وتتلقى أصحابها بالأذى، وصبر من الدعاة على التكذيب وصبر كذلك على الأذى.. وسنة الله تجري بالنصر في النهاية".

إن الشدة بعد الرخاء، والرخاء بعد الشدة، هما اللذان يكشفان عن معادن النفوس، وطبائع القلوب، ودرجة الغبش فيها والصفاء، ودرجة الهلع فيها والصبر، ودرجة الثقة فيها بالله أو القنوط، ودرجة الاستسلام فيها لقدر الله أو البرم به والجموح"

عاشرًا: معرفة حقيقة الباطل وعدم الاغترار به:

إن في قول الله -عز وجل-: ﴿لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَذِينَ كَفَرُوا فِي البِلادِ﴾ [آل عمران:196 ] تسريةٌ عن المؤمنين وتثبيت. وفي قوله -عز وجل-: ﴿فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً﴾ [الرعد:17 ] عبرةٌ لأولي الألباب في عدم الخوف من الباطل والاستسلام له.

ومن طريقة القرآن فضحُ أهل الباطل وتعريةُ أهدافهم ووسائلهم ﴿وكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ ولِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ المُجْرِمِينَ﴾، حتى لا يؤخذ المسلمون على حين غرة، وحتى يعرفوا من أين يؤتى الإسلام، وكم سمعنا ورأينا حركات تهاوت ودعاة زلت أقدامهم؛ ففقدوا الثبات لما أتوا من حيث لم يحتسبوا بسبب جهلهم بأعدائهم.

يقول الشهيد سيد قطب: وفي هذه الفقرة يبدأ بالإشارة إلى سنة الله الجارية في المكذبين، ليقول للمسلمين إن انتصار المشركين في هذه المعركة ليس هو السنة الثابتة، إنما هو حادث عابر، وراءه حكمة خاصة.. ثم يدعوهم إلى الصبر والاستعلاء بالإيمان. فإن يكن أصابتهم جراح وآلام فقد أصاب المشركين مثلها في المعركة ذاتها. وإنما هنالك حكمة وراء ما وقع يكشف لهم عنها: حكمة تمييز الصفوف، وتمحيص القلوب، واتخاذ الشهداء الذين يموتون دون عقيدتهم؛ ووقف المسلمين أمام الموت وجهًا لوجه وقد كانوا يتمنونه، ليزنوا وعودهم وأمانيهم بميزان واقعي! ثم في النهاية محق الكافرين، بإعداد الجماعة المسلمة ذلك الإعداد المتين.. وإذن فهي الحكمة العليا من وراء الأحداث كلها سواء كانت هي النصر أو هي الهزيمة

إجابتك

نحن نحرص على خصوصيتك: هذا العنوان البريدي لن يتم استخدامه لغير إرسال التنبيهات.

اسئلة متعلقة

موقع منتج الحلول موقع الكتروني علمي ثقافي رياضي متنوع تفاعلي يقدم المعلومات لزواره، ويتبادلون من خلاله الاسئلة والاجابات المفيدة والخبرات،،
...